الاثنين، 30 يونيو 2014

وما ادراك ما بغداد

لبغداد مكانة في ذاكرة العالم ،  فهي الحاضرة التي نهلت منها الأمم أسباب العلم والرقي عندما كان الظلام يخيم على معظم أرجاء المعمورة . وفي رحلة بغداد ، منذ تأسيسها في صدر العصر العباسي ، الى يومنا هذا ، كتب الكثير، وروي الأكثر، مثلما تركت بغداد  على مستوى العمارة ، والبناء والفعلية الحياتية ، مايستحق أن يقال عنه الكثير.
إن بغداد هي الحكاية التي تغنى بها الشعراء ، وتفنن بها الرسامون والمصورون وهم يغوصون في أعماقها الغائرة في سفر التأريخ ، لكي يعيدوا قراءة مدينة انبثق من ثناياها شعاع التأريخ الذي أنار الدنيا ، وهي أيضاً ، المدينة التي تعرضت الى النكبات والمحن ، وعركتها التجارب ، وتوقف عند أهوالها الشعراء والمؤرخون ،  ليدونوا سيرة مدينة ، ظلت تصر على الحياة ولم تعرف الاستسلام ، لأن الإصرار على الحياة والإبداع  يبقى فيها وفي عروقها أزلياً .  
ولم تكن بغداد محطة في رحلة حضارة ، وإنما محور ومنطلق ورسالة تشربت معانيها جذورها الضاربة في أعماق الأرض .
حين تسير في بغداد اليوم ، لابد أن من أن تمر بعصور مختلفة ، تركت بصماتها على أكثر من مكان منها ، فهي الماثلة حتى اليوم في العصر العباسي بشواخصه الماثلة للعيان وكإنها تعيدك الى أكثر من ألف عام ، فتعيش تلك الأجواء وتتلمس آثارها الحية ، التي تركتها لنا أيامها الطويلة الحافلة بالأحداث والمآثر الكبيرة التي سجلها أبناؤها وهم يكتبون حكايتهم وحكاية مدينتهم الباسلة للتأريخ .
بغداد كانت وستبقى قبلة الباحثين والمهتمين ، لأنها منجم الحكايات التي مازالت تترك آثارها على العالم حتى اليوم . 
لهذا ارتأت دار الكتب والوثائق الوطنية أن تخصص في موقعها الألكتروني مساحة تؤرشف  هذا السفر النفيس الذي يحكي قصة مدينة ملأت الدنيا وشغلت الناس ، من خلال استحضار الذاكرة في مختلف مايخص مدينة السلام ، كتأريخها وتراثها وثقافتها وموروثاتها وفنونها وعلومها الى جانب شؤون الحياة المختلفة الأخرى سواء المتعلقة بالماضي اوالحاضر ، وعليه فإن الموقع يؤرشف ماخزنته الذاكرة الموثقة في الكتب والمجلات والبحوث والدراسات والفنون التشكيلية والآثار والصروح  وغيرها الى جانب ماحفظته الذاكرة الشفاهية عن بغداد ، حيث نكون هنا برفقة عوالم مختلفة رسمتها حضارة بغداد للأجيال ، حيث نجد هنا فنونها المتنوعة ، متجسدة في معمارها وبصمات أمكنتها ونصبها وتماثيلها المكتنزة بأصالة بغداد والحاكية بلسانها والمعبرة عن روحها ، وذلك على سبيل المثال ، عبر شناشيلها ومتاحفها كالمتحف البغدادي والمتحف العراقي ونصب تحريرها الكائن في الباب الشرقي ونصب شهرزاد وشهريار ونصب كهرمانة وشوارع الرشيد والمتنبي وغازي ومناطقها ومحلاتها العريقة كالكرادة الشرقية وكرادة مريم والأعظمية والكاظمية وباب الشيخ وسراج الدين وحافظ القاضي والدهانة وعبر آثارها كالباب الوسطاني والمدرسة  المستنصرية وقصر شعشوع ، مثلما نجد صوت موسيقاها وصدى غنائها عبر المقام العراقي البغدادي وموالاتها والجالغي البغدادي وزرياب ومحمد القبانجي ويوسف عمر وشلتاغ ، كما نجد بغداد في علومها كتراثها الطبي ، وفي حرفها ومهنها وأعمال أهلها الشعبية كالسقاية وصناعة السعف والسجاد والبلامة والبناء وأبي الفرارات وأم الباقلاء  ، وفي مكتباتها العريقة كخزانة بيت الحكمة والمكتبة الوطنية والمكتبة المركزية  والمكتبة العصرية وسائر مكتبات شارع المتنبي ، وفي لهجتها الشعبية وأهازيجها وأمثالها الشعبية وكناياتها وحكاياتها كألف ليلة وليلة ومغامرات السندباد وعلاء الدين والمصباح السحري ، وفي أزيائها الجميلة  ، وفي صحفها ومجلاتها ، وأيضاً تختزن ذاكرة بغداد مكانة المرأة البغدادية عبر العصور ودورها في العائلة والمجتمع وزينتها ومعتقداتها الى جانب معتقدات المجتمع البغدادي وطقوسه وتقاليده ، وأيضا نجد بصمة بغداد في لوحات رساميها ونحاتيها الخالدين في الذاكرة كجواد سليم وفائق حسن ونزيهة سليم ووداد الأورفلي ومحمد غني حكمت .
الأمر الذي يعني أن موقع ذاكرة بغداد في موقع الدار الالكتروني يعمل على إبراز كل مايتعلق ببغداد من موروثها المادي وغير المادي ، وبذلك يمكن اعتبار هذا الموقع أرشيفاً  خاصاً بالمعلومات والموضوعات المختلفة والواسعة عن هذه المدينة العريقة ، يكون مرجعاً للباحثين والمهتمين .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق